نوال محمد
تمثل المرأة الريفية ركيزة اساسية من ركائز المجتمع العراقي، فهي تلعب دوراً حيوياً في تحقيق الامن الغذائي وتوفير احتياجات اسرتها ومجتمعها، وتؤدي ادواراً متعدده وتحمل مسؤوليات أكبر من تلك التي يتحملها الرجل حيث تعمل كمزارعة وتقوم بالحصاد ورعي وتربية الحيوانات بالاضافة الى اهتمامها بشؤون العائلة ورعاية الاطفال وادارة المنزل وتوفير الدخل الاضافي للاسرة ليعينها في اوقات الشدة.
ورغم هذا الدور المحوري والمهم تواجه المرأة الريفية اليوم وبفعل التغيرات المناخية تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة تعيق أمكانياتها وتقوض من قدرتها في المساهمة بشكل فعال في مجال توفير الامن الغذائي لأسرتها وضمان استمراره رغم الأعباء والضغوطات التي تتعايش معها.
ويأتي في مقدمة تلك الضغوطات التغيرات المناخية التي تشكل آثاراً سلبية على الانتاج الزراعي كارتفاع درجات الحرارة والجفاف المتكرر ونقص توفر المياه وانتشار التصحر وتملح التربة، وصعوبة الحصول الى الموارد الزراعية الاساسية مثل مياه الري والاسمدة والطاقة وعدم توفر البنية التحتية الزراعية بالاضافة الى تدمير الاراضي الزراعية بفعل النشاطات البشرية والزيادة السكانية المطردة والتي اثرت سلبا على الاراضي الزراعية بشكل عام.
وطبقا لما سبق باتت المرأة التي تسكن في القرى حبيسة الظروف المناخية السائدة وطائعة لما يفرضه المجتمع العراقي من تقاليد في تلك المناطق والتي فرضت عليها هي الاخرى تحديات اجتماعية من نوع آخر تمثلت في التمييز النوعي في امكانية الوصول الى الموارد مما يحد من قدرتها في المشاركة في صنع القرارات وخصوصا تلك المتعلقة بالانتاج الزراعي. يضاف الى ذلك توقفها عن التعليم وتزويجها في سن مبكرة للتخلص من مسؤولية اعالتها مما جعل منها عاملة بالفطرة لا تملك معلومات كافية في مجال الزراعة والتقنيات الزراعية الحديثة التي تواكب التغيرات المناخية في العالم، وغير قابلة للتأقلم مع التغيرات الاقتصادية والزراعية وبالتالي انعكس سلباً على انتاجيتها واضاف اليها اعباء زراعية اكبر خاصة وانها تقوم بالكثير من الاعمال الزراعية والمنزلية غير مدفوعة الثمن والتي تحكمها العادات والتقاليد ويفرضها عليها المجتمع والعرف الاجتماعي السائد.
هذه العوامل جعلت المرأة الريفية في العراق من أكثر الفئات تضرراً من نقص الامن الغذائي مما يتطلب تدخلات تنموية شاملة تهدف الى تحسين اوضاعها وتوفير الدعم الاقتصادي والاجتماعي والصحي والتعليمي لها للنهوض بواقعها وتحسين حياتها وتمكينها اقتصاديا وتوفير الدعم المالي من خلال تقديم القروض والمنح، وتوفير المدخلات الزراعية باسعار مدعومة ومناسبة وتمكينها اجتماعياً عن طريق توفير التدريب والتأهيل وأشراكها في صنع القرارات المتعلقة بالسياسات الزراعية.
فضلا عن ذلك هناك ضرورة لإعادة بناء البنى التحتية الزراعية المدمرة بسبب النزاعات والحروب وتوفير المياه والصرف الصحي وتقديم الدعم المعنوي في نشر الوعي بأهمية دور المرأة في تحقيق الامن الغذائي وتوفير المعلومات والتدريب حول التقنيات الزراعية الحديثة واساليب التكيف مع التغيرات المناخية واستخدام تقنيات زراعية مناسبة وخصوصاً تلك التي تتناسب وطبيعة الارض وامكانية استبدال المحاصيل الزراعية بمحاصيل اخرى اكثر مقاومة للتقلبات المناخية والجفاف.
إن رفع امكانية المرأة الريفية لغرض زيادة قدرتها على توفير الغذاء والاموال لأسرتها تعد من الامور الاساسية في الوقت الحاضر في ظل غياب السياسات الحكومية الناجحة، كمساعدة النساء للانضمام في تعاونيات صغيرة فيما بينهن لغرض المشاركة في الخبرات والمساعدة في التسويق وتبادل البذور والحصول على اسعار أفضل.
فضلا عن ذللك يمكن ان تقوم النساء ببعض الانشطة التي تخدم امنهن الغذائي مثل تصنيع المنتجات الزراعية الفائضة في المزرعة كصناعة المربيات والعصائر والاجبان وتربية الحيوانات الصغيرة والدواجن والنحل للحصول على اللحوم والالبان والبيض والعسل لأفراد الاسرة وبيع البعض منها في السوق المحلية.
ويمكن أيضا ان تقوم النساء بتجفيف وتخزين المحاصيل لغرض الاستفادة منها في اوقات لاحقة لضمان توافر الغذاء طوال العام، واستخدام وتدوير بعض المواد الموجودة في المزرعة لصنع منتجات جديدة كالصناعات اليدوية والحرفية وسف السعف والاستفادة من اوراق وجذور بعض النباتات في صناعة الأعشاب الطبية.